ب- العبادة في الشرع: خضوع وحب(١)، والعبادة المأمور بها العبد تتضمن معنى الذل والخضوع لله، ومعنى الحب فهي تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له(٢).
قال ابن تيمية -رحمه الله-: (والإله هو المعبود الذي يستحق غاية الحب والعبودية والإجلال والإكرام والخوف والرجاء.....) (٣).
وينص ابن القيم -رحمه الله-: على أن (العبادة تجمع أصلين غاية الحب بغاية الذل والخضوع)(٤). ودعائم هذه العبادة التي تنتظم أعمال الإنسان كلها القلبية، والعملية الفردية والجماعية: المحبة والخوف والرجاء، وقد جعل ابن القيم هذه الثلاث في قلب المؤمن: (بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر) (٥)، وبهذا يتضح مفهوم العبادة في الشرع.
ثانيًا: حقيقة العبادة:
إن من شروط التمكين لدين الله تحقيق العبادة لله في دنيا الناس وعلى الجماعة المسلمة أن تفهم حقيقة العبادة في القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين - ﷺ -، وأن تعمل على نشر المفهوم الصحيح لمعنى العبادة في شرايين الأمة حتى تخرج من الأوهام والمغالطات والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
لقد ساد بين الناس مفاهيم خاطئة للعبادة، صرفت عقولهم وقلوبهم وأعمالهم عن هذه الوظيفة التشريفية التي خلق الله الإنسان من أجلها، وسخر له كل شيء في نفسه وفي الكون من حوله، ليقوم بها وفق أمر خالقه، وعند تأمل القرآن الكريم والسنة النبوية وما تحويه من أخبار وأوامر ونواه ووعد ووعيد، نجد كلها تدور حول تقرير ألوهية الله سبحانه وتعالى وعبودية الإنسان له.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (١/٢٠٧).
(٣) المصدر نفسه (٢٨/٣٥).
(٤) مدارج السالكين (١/٧٤).
(٥) مدارج السالكين (١/٥١٧).