وقال - ﷺ -: «كل سُلامي من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فيحمل عليها، أو ترفع له متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، ودل الطريق صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة»(١).
وأما الاستدلال على عموم العبادة وشمولها لحياة الإنسان بفعل السلف وفهمهم ففيما روى البخاري في صحيحه عن أبي بردة(٢) في قصة بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن، وفي آخره قال أبو موسى لمعاذ: فكيف تقرأ أنت يا معاذ؟ قال: «أنام أول الليل فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم فأقرأ ما كتب الله لي، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي»(٣). وفي كلام معاذ رضي الله عنه، دليل أن المباحات يؤجر عليها بالقصد والنية.
وهذا الفهم يجعل المسلم يقبل على شئون الحياة كلها وكله حرص على إتقانها لكونها عبادة لله تعالى ملتزمًا بالشروط الآتية:
١- أن يكون العمل مشروعًا في نظر الإسلام، أما الأعمال التي ينكرها الدين
فلا تكون عبادة بأي حال من الأحوال، قال الرسول - ﷺ -: «.. إن الله تعالى طيب لا يقبل
إلا طيبًا..»
(٤).
٢- أن تصحبه النية الصالحة، فينوي المسلم إعفاف نفسه، وإغناء أسرته، ونفع أمته، وعمارة الأرض كما أمره الله رب العالمين.
٣- أن يؤدي العمل بإتقان وإحسان، قال النبي - ﷺ -: «إن الله كتب الإحسان على
كل شيء..»
(٥).

(١) رواه البخاري، كتاب الصلح، باب: فضل الإصلاح بين الناس (٣/٢٢٧) رقم ٢٧٠٧.
(٢) هو التابعي الثقة أبو بردة حارث، وقيل عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، ثقة كثير الحديث، تولى قضاء الكوفة للحجاج، ثم عزله، ت١٠٧هـ، انظر: سير أعلام النبلاء (٤/٣٤٣).
(٣) البخاري، كتاب المغازي، باب: بعثة أبي موسى ومعاذ إلى اليمن (٥/١٥٦) رقم ٤٣، ٤٢.
(٤) مسلم، كتاب الزكاة، باب: قبول الصدقة من الكسب الطيب (٢/٧٠٣).
(٥) مسلم شرح النووي، كتاب العبد، باب: الأمر بإحسان الذبح (مجلد٥) ج١٣، ص١٠٦.


الصفحة التالية
Icon