٤- أن يلتزم في عمله حدود الله تعالى، فلا يظلم، ولا يخون، ولا يغش، ولا يجور.
٥- ألا يشغله عمله لمعاشه عن واجباته الدينية(١). قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَن يَّفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾[المنافقون: ٩].
إن من أخطر الانحرافات التي وقعت فيها الأجيال المتأخرة من المسلمين انحرافهم في تصور مفهوم معنى العبادة.. وحين يعقد الإنسان مقارنة بين المفهوم الشامل الواسع العميق الذي كانت الأجيال الأولى من المسلمين تفهمه من أمر العبادة، والمفهوم الهزيل الضئيل الذي تفهمه الأجيال المعاصرة، لا يستغرب كيف هوت هذه الأمة من عليائها لتصبح في هذا الحضيض الذي نعيشه اليوم، وكيف هبطت من مقام الريادة، والقيادة للبشرية كلها لتصبح ذلك الغثاء الذي تتداعى عليه الأمم تنهشه من كل جانب كما تنهش الفريسةَ الذئابُ(٢).
إن من شروط التمكين أن يكون مفهوم العبادة في حس الجيل، إن عبادة الله هي غاية الوجود الإنساني كله، ما نفهم من قول الله سبحانه: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦].
لقد كان الجيل الأول لهذه الأمة يفهم الحياة كلها على أنها عبادة تشمل الصلاة والنسك، وتشمل العمل كله، وتشمل لحظة الترويح كذلك، فلا شيء في حياة الإنسان كلها خارج من دائرة العبادة، وإنما هي ساعة بعد ساعة في أنواع مختلفة من العبادة، كلها عبادة وإن اختلفت أنواعها ومجالاتها(٣).

(١) انظر: العبادة في الإسلام، د. القرضاوي، ص ٦٣، ٦٢.
(٢) انظر: مفاهيم ينبغي أن تصحح لمحمد قطب، ص ١٧٣.
(٣) المصدر السابق نفسه، ص ٢٠٣-٢٠٤.


الصفحة التالية
Icon