الثانية: أن يكون مفيدًا لظهور الحق من جانب المرسلين، حيث آمن رجل من الرجال لا معرفة لهم به، فلا يقال إنَّهم تواطأوا.
٣- في قوله: ﴿يَسْعَى﴾ تبصير للمؤمنين وهداية لهم، ليكونوا في النصح باذلين جهدهم، ساعين فيه، مقتدين بالرجل الذي جاء يسعى.
٤- في قوله: ﴿يَا قَوْمِ﴾ معنى لطيف، حيث يشير إلى إشفاقه عليهم، وإضافتهم إليه دليل على أنه لا يريد بهم إلا خيرًا.
٥- في قوله: ﴿اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ دعوة منه لهم إلى اتباع المرسلين، ولم يقل: اتبعوني كما دعا مؤمن آل فرعون في سورة غافر، وذلك لأنه جاء من أقصى المدينة، ولم يكن معهم ولا بينهم، فدعا إلى اتباع المرسلين الذين أظهروا لهم الدليل، وأوضحوا لهم السبيل.
٦- جمع في قوله: ﴿اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ﴾ بين إظهار النصيحة في قوله: ﴿اتَّبِعُوا﴾ وإظهار الإيمان في قوله: ﴿الْمُرْسَلِينَ﴾ وقدّم النصيحة على الإيمان لكونه أبلغ في النصح.
٧- في قوله: ﴿اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ معنى حسن لطيف، واستخدام لأحسن الأساليب في النقاش والجدال والإقناع، حيث نزل فيه درجة لإقناعهم، وكأنه يقول لهم: افترضوا أنهم ليسوا مرسلين ولا هداة، ولكنهم مهتدون عالمون بالطريقة المستقيمة التي توصلهم إلى الحق، ثم هم لا يسألونكم أجرًا ولا مالاً، وهذا الأمر يدعوكم إلى اتباعهم والاستجابة لهم.
٨- في قوله: ﴿وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ استفهام استنكاري، وفيه إشارة إلى أن الأمر من جهة عبادة الله وحده لا خفاء فيه، وعلى الذي لا يعبده أن يقدّم السبب الذي يمنعه من عبادته، أما أنا فلا أجد مانعًا يمنعني من عبادته.
٩- وفي قوله: ﴿وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي﴾ لطيفة أخرى، حيث عدل عن مخاطبة القوم إلى الحديث عن نفسه، والحكمة في ذلك، وهو أنه لا يخفى عليه حال نفسه، ولذلك فهو لا يطلب العلة والدليل من أحد آخر، لأنه أعلم بحال نفسه.