إن العبادات التي سنها الله لنا ذات تأثير شامل مشرق، ولها أخطر المهمات في تمكين الحقائق العليا للرسالات الإلهية، وتحقيق الفطرة الإنسانية على وجهها الصحيح المستقيم، طالما تمثلت فيها عناصر الحب والذل، والرجاء والخوف ونحوها، ومعلوم لدى العلماء أن للعبادة مقصدًا أصليًا، وهو التوجه إلى الواحد الصمد، وإفراده بالعبادة في كل حال، طلبًا لرضا الله، والفوز بالدرجات العلا، وهناك مقاصد تابعة للعبادة: صلاح النفس، واكتساب الفضيلة، فالصلاة مثلاً أصل مشروعيتها الخضوع لله تعالى، وإخلاص التوجه إليه، والانتصاب على قدم الذلة والصغار بين يديه، وتذكير النفس بذكره، قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤]، وقال: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: ٤٥] يعني أن اشتمال الصلاة على التذكير بالله هو المقصود الأصلي، ثم إن لها مقاصد تابعة كالاستراحة إليها من أنكاد الدنيا وإنجاح الحاجات كصلاة الاستخارة وصلاة الحاجة، وكذلك سائر العبادات لها فوائد أخروية وهي العامة، وفوائد دنيوية وهي كلها تابعة للفائدة الأصلية وهي الانقياد والخضوع لله(١).
وإذا تأملنا في مهمة العبادة يمكننا أن نستخلص الآتي:
١- تثبيت الاعتقاد:
إن روح العبادة هو إشراب القلب حب الله تعالى، وهيبته، وخشيته والشعور الغامر بأنه رب الكون ومليكه، والتوجه دائمًا بما شرع من شعائر ونسك، باعتبارها مظهرًا عمليًا دائبًا لصدق الإنسان في دعوى الإيمان، وتذكيرًا مستمرًا بسلطان الإله الأعلى، وإلهابًا متجددًا لجذوة اليقين في الله، ورجاء فضله وثوابه.