وهي المعية المقصودة بقول الله عز وجل: ﴿وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٩٤]. فهذه المعية هي معية التأييد والنصرة والتسديد، وهي معية الله عز وجل لأنبيائه وأوليائه، ومعيته للمتقين والصابرين وهي تقتضي التأييد والحفظ والإعانة كما قال تعالى لموسى عليه السلام وهارون: ﴿لاَ تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: ٤٦].
أما المعية العامة مثل قوله تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ [الحديد: ٤]. وقوله: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء: ١٠٨]. فتستوجب من العبد الحذر والخوف ومراقبة الله عز وجل.
٧- البركات من السماء والأرض:
قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ....﴾ [الأعراف: ٩٦].
قال القاسمي رحمه الله: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى﴾ أي: القرى المُهْلَكة ﴿آمَنُوا﴾ أي: بالله ورسله ﴿وَاتَّقَوْا﴾ أي: الكفر والمعاصي ﴿لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ﴾ أي: لوسعنا عليهم الخير ويسرناه لهم من كل جانب، مكان ما أصابهم من فنون العقوبات التي بعضها من السماء وبعضها من الأرض) (١).
ويدل على هذا المعنى قوله عز وجل: ﴿وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا﴾ [الجن: ١٦].
فانظر إلى بركات التقوى، واعلم أن ما نحن فيه من قلة البركة ونقص الثمار وكثرة الآفات والأمراض إنما هو نتيجة حتمية لضعف وازع التقوى وكثرة المعاصي، كما يقول تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم: ٤١].

(١) انظر: محاسن التأويل (٧/٢٢١).


الصفحة التالية
Icon