فقه النصر والتمكين في القرآن الكريم

إنها السنة التي أرادها الله في هذه الحياة، إنها مشيئته وسننه وإرادته(١).
ب- التوكل على الله والأخذ بالأسباب:
التوكل على الله - سبحانه وتعالى - لا يمنع من الأخذ بالأسباب، فالمؤمن يتخذ الأسباب من باب الإيمان بالله وطاعته فيما أمر به من اتخاذها، ولكنه لا يجعل الأسباب التي تنشئ النتائج فيتوكل عليها(٢).
ولقد أرشدنا النبي - ﷺ - في أحاديث كثيرة ضرورة الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله تعالى، كما نبه - عليه السلام - على عدم تعارضها.
١- عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - ﷺ - على ناقة له، فقال: يا رسول الله أدعها وأتوكل؟ فقال: (اعقلها وتوكل) (٣).
وهذا الحديث أصل في التوكل وفيه الأمر باتخاذ الأسباب والاحتراز مع
الأمر بالتوكل(٤).
٢- وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - ﷺ - قال: «لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتعود بطانا» (٥).
وفي هذا الحديث الشريف حث على التوكل على الله مع الإشارة إلى أهمية الأخذ بالأسباب حيث أثبت الغدو والرواح للطير مع ضمان الله تعالى الرزق لها(٦).
إن العمل بسنة الأخذ بالأسباب من صميم تحقيق العبودية لله تعالى، وهو الأمر الذي خلق له العبيد، وأرسلت به الرسل، وأنزلت لأجله الكتب، وبه قامت السموات والأرض، وله وجدت الجنة والنار، فالقيام بالأسباب المأمور بها محض العبودية(٧).