إن القرآن الكريم أرشدنا إلى الأخذ بالأسباب وأرشدنا ألا نعتمد عليها وحدها وإنما نتوكل على الله مع الأخذ بها، وعلى المسلم أن يتقي في باب الأسباب أمرين:
١- الاعتماد عليها، والتوكل عليها، والثقة بها ورجاؤها وخوفها، فهذا شرك يرق ويغلظ، وبين ذلك.
٢- ترك ما أمر الله به من الأسباب، هذا أيضا قد يكون كفرا وظلما وبين ذلك، بل على العبد أن يفعل ما أمره الله به من الأمر، ويتوكل على الله توكل من يعتقد أن الأمر كله بمشيئة الله، سبق بها علمه، وحكمه، وأن السبب لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع، ولا يقضي ولا يحكم، ولا يحصل للعبد ما لا تسبق له به المشيئة الإلهية ولا يصرف عنه ما سبق به الحكم والعلم، فيأتي بالأسباب إتيان من لا يرى النجاة والفرح والوصول إلا بها، ويتوكل على الله توكل من يرى أنها لا تنجيه ولا تحصل له فلاحا ولا توصله إلى المقصود، فيجرد عزمه للقيام بها حرصا واجتهادًا، ويضرع قلبه من الاعتماد عليها والركون إليها تجريدا للتوكل واعتمادا على الله وحده(١). وقد جمع النبي - ﷺ - بين هذين الأصلين في الحديث الصحيح، حيث يقول: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله
ولا تعجز...»
(٢).
فأمره بالحرص على الأسباب والاستعانة بالمسبب ونهاه عن العجز وهو نوعان:
١- تقصير في الأسباب وعدم الحرص عليها.
٢- وتقصير في الاستعانة بالله وترك تجريدها.
فالدين كله ظاهره وباطنه، وشرائعه وحقائقه تحت هذه الكلمات النبوية(٣).
إن استيعاب وفهم سنة الأخذ بالأسباب لأفراد الأمة الإسلامية وجماعتها من ضروريات فقه التمكين لهذا الدين.
ثانيًا: إرشاد القرآن للإعداد:

(١) مدارج السالكين (٣/٥٠١).
(٢) مسلم: كتاب القدر باب الأمر بالقوة (٤/٢٠٥٢) رقم ٢٦٦٤.
(٣) انظر: مدارج السالكين (٣/٥٠١).


الصفحة التالية
Icon