«الحج عرفة» (١). وقوله: «الدين النصيحة» (٢) لا ينفي اعتبار غيره، بل يدل على أن هذا المذكور جزء شريف من المقصود وكذا هنا(٣).
كما يساعد على هذا الفهم مجيء كلمة «قوة» هنا نكرة لا معرفة، فهي تشمل كل سلاح معروف أو سيعرف مع الزمن المتجدد فهي تتسع لإعداد الطائرات والصواريخ والدبابات.. وكل الأسلحة التي لها التأثير الحاسم في المعركة(٤).
ومعنى «رباط الخيل» قال النسفي: هي اسم للخيل التي ترابط في سبيل الله تعالى(٥)، وقال صاحب تفسير المنار: الرباط في أصل اللغة: الحبل الذي يربط به الدابة،
ورباط الخيل: حبسها واقتناؤها(٦)، ومعنى ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ﴾ أي: تخزون، كما قال الطبري(٧)، وقال ابن كثير: تخوفون به(٨)، وقال الشيخ المراغي: الرهبة: هي الخوف
المقترن بالاضطراب(٩).
ومعنى ﴿وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ﴾ قال الطبري: هم كل عدو للمسلمين غير الذي أمر النبي - ﷺ -؛ أن يشرد بهم من خلفه(١٠)، وذكر الفخر الرازي فيه وجوها ثم قال: وأصح ما قيل في المقصود منهم: «أنهم المنافقون»(١١).
ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة ما لأجله أمر بإعداد هذه الأشياء، فقال جل شأنه: ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ...﴾ ذلك أن الكفار إذا علموا كون المسلمين متأهبين للجهاد ومستعدين له ومستكملين لجميع الأسلحة والآلات خافوهم وذلك الخوف يفيد أمورًا كثيرة:
أنهم لا يتجرءون على دخول دار الإسلام.
أنهم إذا اشتد خوفهم فربما التزموا من عند أنفسهم دفع الجزية.

(١)، ٣) مسلم، كتاب الإيمان، باب: إن الدين النصيحة (١/٧٤).
(٣) تفسير المنار (٥/٥٣).
(٤) انظر: التمكين للأمة الإسلامية، ص٨٩.
(٥) انظر: تفسير النسفي.
(٦) تفسير المنار (١٠/١٦).
(٧) تفسير الطبري (٦/٢٢)
(٨) تفسير ابن كثير (٢/٣٢٢)
(٩) تفسير المراغي (٤/٢٣)
(١٠) تفسير الطبري (٦/٢٢)
(١١) مفاتيح الغيب (٧/٥٣٣).


الصفحة التالية
Icon