المبحث الثاني : الأسباب المعنوية
ويحتل الإعداد المعنوي المكانة الأولى، حتى إن التمكين ليرتبط بالدرجة الأولى بمدى الأخذ بهذه الأسباب ومن أهمها:
أولاً: إعداد الأفراد الربانيين:
ولقد رسم لنا النبي - ﷺ - منهجا متميزا في تربية الأفراد على معاني الربانية وتحمل أداء رسالة رب البرية، وكان - ﷺ - مهتما ببناء القاعدة الصلبة وتربية أتباعه على معاني العقيدة الصحيحة، فقد حرص - ﷺ - منذ اليوم الأول من بعثته على أن يعطي الناس التصور الصحيح عن ربهم وعن حقه عليهم، مدركا أن هذا التصور سيورث التصديق واليقين عند من صفت نفوسهم، واستقامت فطرتهم، ولقد ركز النبي - ﷺ - في تربيته لأصحابه على عدة جوانب منها:
أن الله منزه عن النقائص، موصوف بالكمالات التي لا تتناهى فهو سبحانه واحد لا شريك له، ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا.
وأنه سبحانه خالق كل شيء، ومالكه، ومدبر أمره ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ
وَالأمْرُ﴾
[الأعراف: ٥٤].
وأنه تعالى جده مصدر كل نعمة في هذا الوجود، دقت أو عظمت، ظهرت أو خفيت ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ﴾ [النحل: ٥٣].
وأن علمه محيط بكل شيء، فلا تخفى عليه خافية في الأرض، ولا في السماء، ولا ما يخفى الإنسان وما يعلن:﴿وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢].
وأنه سبحانه يقيد على الإنسان أعماله بواسطة ملائكته، في كتاب لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وسينشر ذلك في اللحظة المناسبة والوقت المناسب ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: ١٨].
وأنه سبحانه يبتلي عباده بأمور تخالف ما يحبون، وما يهوون، ليعرف الناس معادنهم، من منهم يرضى بقضاء الله وقدره، ويسلم له ظاهرا وباطنا، فيكون جديرا بالخلافة والإمامة والسيادة، ومن منهم يغضب ويسخط، فلا يساوي شيئا، ولا يسند إليه شيء: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ [الملك: ٢].


الصفحة التالية
Icon