لأنه سبحانه النصير، فنعم المولى ونعم النصير، قال تعالى: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [آل عمران: ١٢٦]، ولهذا كان النبي - ﷺ - يدعو ربه في معاركه ويستغيث به، فينصره ويمده بجنوده، ومن ذلك أنه نظر - ﷺ - يوم بدر إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل - ﷺ - القبلة ورفع يديه واستغاث بالله، وما زال يطلب المدد من الله وحده مادا يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال: ٩] فأمده الله بالملائكة(١).. وهكذا كان يدعو الله في جميع معاركه ومن ذلك قوله: «اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، مجري السحاب، هازم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم وانصرنا عليهم» وكان يقول عند لقاء العدو «اللهم أنت عضدي، وأنت نصيري، بك أجول، وبك أصول، وبل أقاتل» (٢).
ج- الإخلاص:
ويظهر في قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: ٢٨] ولابد عند إعداد الأفراد إعدادا ربانيا أن يتربى المسلم على أن تكون أقواله وأعماله وجهاده كلها لوجه الله وابتغاء مرضاته وحسن مثوبته، من غير نظر إلى مغنم أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر، وحتى يصبح جنديا من أجل العقيدة والمنهج الرباني ولسان حاله قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ﴾ [الأنعام: ١٦٢].

(١) مسلم (٣/١٣٨٣) كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة (٣/١٣٨٣) رقم ١٧٦٣.
(٢) صحيح أبي داود (٢/٤٩٩) كتاب الجهاد، باب: ما يدعي عند اللقاء (٢/٤٩٩) رقم ٢٢٩١.


الصفحة التالية
Icon