وعلى ذلك يتضح أن الثبات يحتاج إلى ثلاثة عناصر: إيمان، ورجولة، وصدق. إيمان يبعث على التمسك بالقيم الرفيعة والتثبت بها، وباعث على التضحية بالنفس ليبقي المبدأ الرفيع، ورجولة محركة للنفس نحو هذا الهدف، غير مهتمة بالصغائر والصغار، وإنما دائما دافعة نحو الهدف الأسمى والمبدأ الرفيع. وصدق يحول دون التحول أو التغير أو التبديل، ومن ثم يورث هذا كله، الثبات الذي لا يتلون معه الإنسان وإن رأى شعاع السيف على رقبته أو رأى حبل المشنقة ينتظره أو رأى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها.
ولا شك أن اللبنات التي تعد لحمل أعباء الجهاد تحتاج إلى الثبات الذي يعين على تحقيق الأهداف السامية والغايات الجميلة والقيم الرفيعة(١).
هـ- تربية الأفراد على الإيمان بالقضاء والقدر:
إن استيعاب حقيقة القضاء والقدر والإيمان بها كما جاءت في القرآن والسنة تجعل أفراد المسلمين ينطلقون في هذه الحياة انطلاقة هادفة نحو المقاصد النبيلة.
وقد جاءت الأدلة من القرآن الكريم توضح قضية القدر، قال تعالى: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾ [الأحزاب: ٣٨]، وقال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٩]، وقال تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: ٢]. وأما أدلة السنة، فقد قال - ﷺ -: «وتؤمن بالقدر خيره وشره» (٢).
وروى مسلم في الصحيح عن طاوس قال: «أدركت ناسا من أصحاب رسول الله - ﷺ - يقولون: كل شيء بقدر، قال: وسمعت عبد الله بن عمر يقول: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس أو الكيس والعجز»(٣).

(١) دعوة الله بين التكوين والتمكين، د. علي جريشة، ص٩١، ٩٢.
(٢) مسلم، كتاب الإيمان، باب ما جاء في القدر (١/٣٨) رقم ٨.
(٣) مسلم، كتاب القدر، باب كل شيء بقدر (٤/٢٠٤٥) رقم ٢٦٥٥.


الصفحة التالية
Icon