عدم اليأس من انتصار الحق، فالمؤمن بالقدر يعلم علم اليقين أن العاقبة للمتقين، وأن قدر الله في ذلك نافذ لا محالة، فلا يدب اليأس إلى قلبه، ولا يعرف إليه طريقا مهما احلولكت ظلمة الباطل.
علو الهمة وعدم الرضا بالدون، وعدم الرضا بالواقع الأليم، فالمؤمن بالقدر تجده عالي الهمة لا يرضى بالدون ولا بالواقع الأليم المر، ولا يستسلم له محتجًا بالقدر، إذ أن هذا ليس مجال الاحتجاج بالقدر، لأنه ليس من المصائب، والاحتجاج بالقدر إنما يسوغ عند المصائب دون المعائب، بل إن إيمانه بالقدر يحتم عليه أن يسعى سعيًا حثيثًا لتغيير هذا الواقع حسب قدرته واستطاعته(١).
الإيمان بالقدر على وجه الحقيقة يكشف للإنسان حكمة الله عز وجل فيما يقدره من خير أو شر، قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢١٦].

كم نعمة لا تستقل بشكرها لله في طي المكاره كامنة(٢)
وقال آخر:
تجري الأمور على حكم القضاء وفي طي الحوادث محبوب ومكروه
وربما سرني ما كنت أحذره وربما ساءني ما كنت أرجوه(٣)
(١) انظر: الإيمان بالقضاء والقدر، ص٢٩.
(٢)، (٢) انظر: جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى، للغرناطي (٣/٥٢).
(٣) انظر: جنة الرضا في التسليم لما قدر الله وقضى، للغرناطي (٣/٥٢٩


الصفحة التالية
Icon