إن العالم قد يكون عييا لا يحسن الكلام، أو هو - بطبعه - قليل الكلام غير قادر على الخطابة، وقد يكون من العوام من هو بليغ اللسان يقلب الألفاظ كيف يشاء.
هذا التفريق مهم جدا فيما بين العلماء الراسخين وممن يشتبه بهم، ولذلك لابد أن يقود العمل الإسلامي القادة الربانيون وعلى رأسهم العلماء الراسخون.
إن الشريعة الإسلامية أعطت اعتبارا للعلماء وبنته على أمرين مهمين:
١- أن طاعتهم طاعة لله عز وجل ولرسوله - ﷺ - فالتزام أمرهم واجب.
٢- أن طاعتهم ليست مقصودة لذاتها، بل هي تبع لطاعة الله ورسوله - ﷺ -.
والأدلة على هذه المنزلة وهذا الاعتبار للعلماء في الشريعة غير منحصرة فمنها:
الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩].
وقد اختلف المفسرون في أولي الأمر منهم على أقوال:
فقيل: هم السلاطين وذوو القدرة.
وقيل: هم أهل العلم.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «يعني أهل الفقه والدين، وأهل طاعة الله الذين يعلمون الناس معاني دينهم، ويأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر فأوجب الله سبحانه طاعتهم على عباده»(١).
ويقول ابن كثير - رحمه الله -: «والظاهر والله أعلم أنها عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء»(٢).
يقول الإمام ابن قيم الجوزية - رحمه الله -: «والتحقيق أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضى العلم، فطاعتهم تبع لطاعة العلماء، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف وما أوجبه العلم، فكما أن طاعة العلماء تبع لطاعة الرسول - ﷺ -، فطاعة الأمراء تبع لطاعة لعلماء، ولما كان قيام الإسلام بطائفتي العلماء والأمراء، وكان الناس لهم تبعا، كان صلاح العالم بصلاح هاتين الطائفتين، وفساده بفسادهما»(٣).

(١) تفسير الطبري (٥/١٤٩).
(٢) تفسير ابن كثير (١/٥١٨)
(٣) أعلام الموقعين (١/١٠) بتحقيق عبد الرؤوف سعد.


الصفحة التالية
Icon