الدليل الثاني: أن الله - سبحانه وتعالى - أوجب الرجوع إليهم وسؤالهم عما أشكل قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء: ٧].
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره - رحمه الله -: (وعموم هذه الآية، فيها مدح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه: العلم بالكتاب المنزل، فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث، وفي ضمنه تعديل لأهل العلم وتزكية لهم حيث أمر بسؤالهم وأن بذلك يخرج الجاهل من التبعية) (١).
الدليل الثالث: أن الله - سبحانه وتعالى - عظم قدرهم فأشهدهم دون غيرهم على أعظم مشهود.
يقول سبحانه:﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: ١٨].
قال العلامة السعدي - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية: (وفي هذه الآية فضيلة العلم والعلماء، لأن الله خصهم بالذكر من دون البشر، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وجعل شهادتهم من أكبر الأدلة والبراهين على توحيده ودينه، وجزائه، وأنه يجب على المكلفين قبول هذه الشهادة العادلة الصادقة.
وفي ضمن ذلك تعديلهم، وأن الخلق تبع لهم، وأنهم هم الأئمة المتبوعون، وفي هذا من الفضل والشرف وعلو المكانة ما لا يقادر قدره) (٢).
الدليل الرابع: أنهم أهل الفهم عن الله عز وجل:
قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٣].
إن الأمثال تضرب للناس كلهم ولكن تعقلها وفهمها خاص بأهل العلم، قال ابن كثير - رحمه الله: (وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه) (٣).

(١) تفسير السعدي (٤/٢٠٦).
(٢) تفسير السعدي (١/٢٦٥).
(٣) تفسير القرآن العظيم (٣/٤١٤).


الصفحة التالية
Icon