ولما كان العلماء هم العارفين بالشر صاروا هم الذين ينهون الناس عن الوقوع فيه، قال تعالى: ﴿لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: ٦٣].
أي: هلا نهاهم العلماء المتصدون لنفع الناس عن هذه الشرور العظيمة، وهم - أي: العلماء - العارفون بالشر ومداخل الشر فكان لزاما أن يبينوا للناس.
والناس عليهم لزوم طاعة العلماء والاستجابة لتحذيرهم من الشر ونهيهم عن المعاصي(١).
هذه بعض الأدلة في القرآن الكريم، وأقوال المفسرين فيها ترشدنا إلى أهمية العلماء في قيادة الأمة وقيادة الصفوة التي تقود الأمة.
وقد جاءت الأحاديث النبوية في إرشاد الأمة إلى منزلة العلماء:
الدليل الأول: أن العلماء ورثة الأنبياء، وهم المفضلون بعد الأنبياء على سائر البشر:
عن أبي الدرداء(٢) - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكنهم ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر» (٣).
قال الإمام ابن رجب(٤) - رحمه الله -: «يعني أنهم ورثوا ما جاء به الأنبياء من العلم، فهم خلفوا الأنبياء في أممهم بالدعوة إلى الله وإلى طاعته، والنهي عن معاصي الله والذود عن دين الله»(٥).
الدليل الثاني: إن العلماء هم المبلغون عن الأنبياء:

(١) انظر: قواعد في التعامل مع العلماء، ص(٥٣)
(٢) هو الصحابي الجليل عويمر بن عامر الخزرجي الأنصاري، توفي عام ١٣٣هـ، الإصابة (٣/٤٦).
(٣) رواه أبو داود، كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم (٣١٧/٣) رقم ٣٦٤١.
(٤) هو عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي ثم الدمشقي، توفي ٧٩٥هـ، شذرات الذهب (٦/٣٣٩).
(٥) شرح حديث: أبي الدرداء في طلب العلم، ص٤٦.


الصفحة التالية
Icon