قال الرسول - ﷺ -: «تسمعون ويسمع منكم، ويسمع ممن يسمع منكم» (١).
فبين - ﷺ - أن هذا العلم يؤخذ بالتلقي وكل جيل من أهل العلم يبلغه لمن بعدهم.
وهؤلاء المبلغون هم المستحقون لدعوة النبي - ﷺ -: «نضر الله عبدًا سمع مقالتي، فحفظها ووعاها، وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه».
ولقد جمع العلماء بين نقل أقوال الرسول - ﷺ - إلى من بعدهم، وفقه تلك الأقوال وفهمها، فالعالم حامل فقه وفقيه.
الدليل الثالث: أن الله أراد بهم الخير:
عن ابن عباس ومعاوية رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله - ﷺ -: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (٢).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: (وكل أمة - قبل مبعث نبينا
محمد - ﷺ - - فعلماؤها شرارها إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم) (٣).
إن الأحاديث في مكانة العلماء كثيرة ونكتفي بهذا القدر، إن الذين يقودون الأمة بغير علم يفسدون أكثر مما يصلحون، وإن العلماء مثل الماء النافع حيثما سقطوا نفعوا، وليس للناس عوض ألبتة عن العلماء إلا أن يكون لهم عوض عن الشمس والعافية، ولا أقصد من كلامي هذا وإطنابي في مكانة العلماء ومنزلتهم في الشريعة أن نقدس ذواتهم وأشخاصهم، فنصبح كبني إسرائيل: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣١].

(١) أبو داود، كتاب العلم، باب: فضل نشر العلم (٣/٣٢٢) رقم ٣٦٦٠.
(٢) البخاري، كتاب فرض الخمس، باب: قول الله ﴿فلله خمسه﴾ (٤/٦٠) رقم ٣١١٦.
(٣) رفع الملام عن الأئمة الأعلام (ص١١).


الصفحة التالية
Icon