إن العلماء في مسيرة الحياة الإسلامية دائما وأبدا يتصدرون شعوبهم وأممهم، وبهم تقام الدول ويمكن لشرعه على أيديهم وإليهم المرجع عند الفتن والملاحم والمحن، فلابد من إعطاء العلماء الربانيين المستوعبين لواقعهم العاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم - ﷺ - والملمين بتاريخ الأمم والدول والشعوب دورهم الطبيعي في الأمة عموما وفي الحركات الإسلامية خصوصا فهذا من فقه التمكين.
ولا شك أننا اليوم في محنة عظيمة وفتن أليمة كقطع الليل المظلم ومن شأن الفتن أن تشتبه الأمور فيها، ويكثر الخلط وتزيغ الأفهام والعقول، والحكمة حينذاك إنما هي للجماعة التي يمثل العلماء رأسها، فالواجب على الناس: الراعي والرعية الأخذ برأي العلماء والصدور عن قولهم، لأن اشتغال عموم الناس بالفتن وإبداء الرأي فيها ينتج عنه مزيد فتنة وتفرق للأمة، فالأمور العامة من الأمن أو الخوف مردها إلى أهل العلم والرأي، يقول الله عز وجل: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [النساء: ٨٣].
إن الناس في الفتن يحتاجون إلى فقه المصالح والمفاسد، والعلم بمراتبها فوق حاجتهم إلى العلم بآحاد النصوص الحاكمة على القضايا المعينة، إذ ليست المنكرات العامة المتعلقة بالسياسة الشرعية -وهي في الغالب سبب الفتن- كمسائل الطهارة والصلاة والحج والأحوال الشخصية يقوم فيها الحق - غالبا - على الأدلة التفصيلية، بل قيام العلم في ذلك على أسس منها:
الأدلة الشرعية العامة والقواعد التي يدخل تحتها أمور كثيرة.
مقاصد الشريعة.
الموازنة بين المصالح والمفاسد.
الأدلة التفصيلية.


الصفحة التالية
Icon