وقد لاحظ الاستعمار الأوروبي الحديث ذلك، وما الثورات التي فجرت الاستعمار إلا بقيادة العلماء والقادة الربانيين من المغرب إلى المشرق في كل ديار المسلمين.
ولذلك قام اليهود والنصارى والملاحدة بتشويه صورة القادة والعلماء بواسطة المسرح، والتلفاز، والمجلة والجريدة، والنوادي، والغناء وكل وسائل الإعلام. وإذا أردت أن تعرف هجومهم الإعلامي ابتداء من العقود الماضية، فلتراجع كتاب المشايخ والاستعمار للأستاذ حسني عثمان، فإنه أكد أن القيادة الحكيمة وهي تسعى لتحكيم شرع الله تعالى، وإقامة دولة الإسلام توقن إيقانا جازما أن المجتمع لن يكون إسلاميا بجرة قلم، أو بقرار يصدر من ملك أو رئيس أو مجلس قيادة أو برلمان.
إنما يتحقق ذلك بطرق التدرج، والإعداد والتهيئة الفكرية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية، وإقامة البدائل الإسلامية للأوضاع الجاهلية التي تأسست عليها مؤسسات عدة لأزمنة عديدة.
فهي تعين الهدف، وتضع الخطة وتحدد المراحل، بوعي وصدق، بحيث تنتقل من مرحلة إلى مرحلة بتخطيط وتنظيم وإرادة قوية معتمدة على الله تعالى حتى تصل المسيرة إلى مرحلة التمكين الفعلي لدولة الإسلام المنشودة.
إن القيادة الربانية الحكيمة والتي تسعى لتحكيم شرع الله تعطي للعلوم بأنواعها أهمية وخصوصا علوم الشرع، وتركز على علم المقاصد، وفقه الموازنات، وفقه الخلاف، وفقه الأولويات، وفقه السنن الربانية لأهميتها في زماننا هذا، بل هي من أفضل العدة بعد تقوى الله تعالى للعاملين من أجل تحكيم شرع الله.
إن القيادة الربانية الحكيمة هي التي تفجر طاقات الأمة وهي التي تحتضن الإسلام وتنهجه قلبا وقالبا، جوهرا ومنظرا، وعقيدة وشريعة، ودينا ودولة، وهي التي تصبح وتمسي وهمها عقيدتها وأمتها، وهي التي تسعى بكل ما تملك لحل المشاكل التي تواجهها وتعمل بكل جهد وإخلاص للقضاء على عوائق التمكين الداخلية والخارجية.
ثالثًا: محاربة أسباب الفرقة:


الصفحة التالية
Icon