وأصبحت أمة الإسلام أمة واحدة في عقيدتها وتصوراتها ومنهجها، وانعكس ذلك في توادهم وتراحمهم فيما بينهم وأصبحوا كالجسد الواحد، الذي يخفق فيه قلب واحد، وتسري فيه روح واحدة، ويتأثر كل عضو فيه بما يصيب بقية الأعضاء أو هو كالجدار المتين الذي تجتمع لبناته لتشكل فيما بينها وحدة واحدة متماسكة متراصة.
وفي اعتقادي أن من الأهمية بمكان أن تهتم الحركات الإسلامية في كل الأقطار بالأصول المهمة التي يجتمع عليها المسلمون في كل بلد، ومن ثم تجتمع عليها الأمة حتى يكون الاتحاد على أصول قوية ثابتة.
قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: ١٠٣].
إن طريق الوحدة والتعاون والتآخي والاجتماع على البر والتقوى طريق أهل السنة والجماعة الذين التزموا في جميع أمورهم بما كان عليه رسول الله - ﷺ - وأصحابه في العقائد والأخلاق والعبادة والمعاملات وكل شئون الحياة. وأهم أسس وأصول أهل السنة والجماعة هي:
الاعتصام بالكتاب والسنة، وحصر التلقي لأحكام الدين؛ أصوله وفروعه في هذا المصدر، وأن يرد الخلاف إليهما عند التنازع، وأن لا يعارضا بشيء من المعارضات
لا بمعقول ولا رأي، ولا قياس، ولا ذوق، ولا وجد ولا مكاشفة، ولا منام، ولا
غير ذلك(١).
إن الكتاب والسنة هما الميزان الذي توزن به الأقوال والأعمال والمعتقدات، وهما الحق الذي يجب اتباعه، وبه يحصل الفرقان بين الحق والباطل، وما سواه من كلام الناس يعرض عليه، فإن وافقه قبل، وإلا رد على صاحبه(٢).
(٢) المصدر السابق، (١١/٥٨٢)، (١٢/٤٦٧- ٤٦٨)