إن أهل السنة والجماعة يحتجون بالقرآن والسنة، لا يفرقون بينهما، كما هو حال أهل البدع، فالسنة مبينة للقرآن موضحة له، ولا يمكن أن يستغنى عنهما بالقرآن وحده بحال من الأحوال، وهي حجة في العقائد كما أنها حجة في الأحكام.
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: «إن الله يرضى لكم ثلاثا، أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم»(١).
إن طريق الاعتصام بحبل الله أن نلتزم بكتاب الله وسنة رسوله - ﷺ -، وهذا الأصل من آكد الأصول في هذا الدين العظيم، يقول ابن تيمية - رحمه الله -:
«وهذا الأصل العظيم: وهو الإسلام، ومما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه ومما عظم ذمه لمن تركه من أهل الكتاب وغيرهم، ومما عظمت به وصية النبي - ﷺ -، في مواطن عامة وخاصة»(٢).
ولذلك أمر الله تعالى ورسوله - ﷺ - بكل ما يحفظ على المسلمين جماعتهم وألفتهم، ونهيا عن كل ما يعكر صفو هذا الأمر العظيم، إن ما حصل من فرقة بين المسلمين وتدابر وتقاطع، وتناحر، بسبب عدم مراعاة هذا الأصل وضوابطه، مما ترتب عليه تفرق في الصفوف، وضعف في الاتحاد، وأصبحوا شيعًا وأحزابًا كل حزب بما لديهم فرحون.
وهذا الأمر وإن كان مما قدره الله عز وجل كونًا، ووقع كما قدر، إلا أنه -سبحانه- لم يأمر به شرعًا، فوحدة المسلمين واجتماعهم مطلب شرعي، ومقصد عظيم من مقاصد الشريعة، بل من أهم أسباب التمكين لدين الله تعالى، ونحن مأمورون بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١].
(٢) مجموع الفتاوى (٢٢/٣٥٩).