فلابد من تضافر الجهود بين الدعاة وقادة الحركات الإسلامية وبين علماء المسلمين، وطلبة العلم لإصلاح ذات البين إصلاحًا حقيقيًا لا تلفيقيًا لأن أنصاف الحلول تفسد أكثر مما تصلح، قال الشيخ السعدي - رحمه الله -: «الجهاد نوعان: جهاد يقصد به صلاح المسلمين، وإصلاحهم في عقائدهم وأخلاقهم وآدابهم، وجميع شئونهم الدينية والدنيوية، وفي تربيتهم العلمية، وهذا النوع هو الجهاد وقوامه، وعليه يتأسس النوع الثاني، وهو جهاد يقصد به دفع المعتدين على الإسلام والمسلمين من الكفار والمنافقين والملحدين وجميع أعداء الدين ومقاومتهم، وهذا نوعان: جهاد بالحجة والبرهان واللسان، وجهاد بالسلاح المناسب في كل وقت وزمان» (١).
ثم أفرد فصلا بعنوان «الجهاد المتعلق بالمسلمين بقيام الألفة واتفاق الكلمة»(٢)، وبعد أن ذكر الآيات والأحاديث الدالة على وجوب تعاون المسلمين ووحدتهم قال: «فإن من أعظم الجهاد السعي في تحقيق هذا الأصل في تأليف قلوب المسلمين، واجتماعهم على دينهم ومصالحهم الدينية والدنيوية»(٣).
ولذلك نرى أن الأخذ بالأسباب نحو تأليف قلوب المسلمين وتوحيد صفهم
من أعظم الجهاد لأن هذه الخطوة مهمة جدا في إعزاز المسلمين وإقامة دولتهم، وتحكيم شرع ربهم.
ومن أهم الأسباب في تحقيق هذا الهدف المنشود أن يجتمع المسلمون على أصول ثابتة:
أ- وحدة العقيدة:
لا يمكن أن تقوم وحدة للمسلمين، ما لم تجمعهم عقيدة واحدة، والعقيدة تشكل أساسا مهما في البناء الفردي والاجتماعي، وهي القاعدة التي تقوم عليها الأعمال والعلاقات والأخلاق، فإذا كانت العقيدة مشوهة أو مزورة فإن البناء لا يستقيم، ولا يستطيع أن يواجه الأعاصير والفتن حتى ينهار.
(٢)، (٣) المصدر نفسه، ص٥.
(٣) المصدر نفسه، ص٥.