إن نزول القرآن الكريم منجما حسب الأحداث والوقائع كان له أهداف إعلامية عظيمة لا يمكن تحقيقها في مدة قصيرة من الزمن إلا بهذا الأسلوب المعجز.
ومن أهم هذه الأهداف الإعلامية:
١- مساعدة الرسول - ﷺ - على حل المشاكل الاجتماعية المتجددة، فمن ذلك أن عبد الله بن رواحة تزوج من أمة له سوداء بعد أن أعتقها إثر ضربه لها وهي أمة مؤمنة، فطعن عليه ناس من المسلمين فقالوا: تزوج أمة وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم، فنزل قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة: ٢٢١].
فكان العرف السائد في الجاهلية وحتى ظهور الإسلام أن التفاضل بين الناس بالأنساب والأحساب فقط، وكان هذا الحدث وما حصل فيه من استغراب وقيل وقال قد أتاح الفرصة لإعلام الناس بمقياس الإسلام الحقيقي في التفاضل بين الناس؛ وهو تقوى الله عز وجل والإيمان به وبرسوله - ﷺ -. وهذا المقياس فيه رفع من شأن المؤمن وإعلام بشرفه على الكافر، ولو كان هذا المؤمن عبدا أو أمة، وكما لا يخفى فإن فيه تصغيرا لشأن الكافر وإعلاما بتفاهته ولو كان أشرف الناس في حسبه ونسبه. ونزول هذه الآيات عقب هذا الحدث الذي هيأ النفوس وأثار انتباهها إعلام لكلا الطرفين بذلك.