٢- مساعدة الرسول - ﷺ - في الإجابة الموجهة إليه من قبل المؤمنين أو الكافرين؛ عندما بعث المشركون إلى اليهود بالمدينة يسألونهم عن أمره فقالت اليهود عنه أشياء ثلاثة، فإن لم يجب عنها أو أجاب عنها جميعا فهو ليس بنبي، وإن أجاب عن اثنين ولم يجب عن الثالث فهو نبي وهذه الأمور الثلاثة هي:
* فتية فقدوا في الزمن الأول ما كان من أمرهم؟
* رجل بلغ شرق الأرض وغربها.. ما خبره؟
* وعن الروح؟
فسأله القرشيون عن هذه الأشياء فوعدهم بالإجابة عليها في اليوم التالي ولم يقل إن شاء الله «قال مجاهد: إن الوحي تأخر عنه اثنتي عشرة ليلة»(١)، وقيل غير ذلك حتى كثر القيل والقال بين الناس، وقال قائل قريش: وعدنا محمدًا غدًا وقد أصبحنا لا يخبرنا بشيء. واشتد الحزن على الرسول - ﷺ - بسبب ذلك حتى إذا تهيأت نفوس الناس وتوترت أعصابهم والتفتت أنظارهم لنتيجة هذا الحدث العظيم الذي يعتبر من أهم الأدلة والبراهين على صدق الرسول - ﷺ - وأنه مرسل من عند الله نزل الوحي من الله يقول بشأن الفتية: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ [الكهف: ٩].
ونزل فيمن بلغ الشرق والغرب ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾ [الكهف: ٨٣].
ونزل في الروح ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ [الإسراء: ٨٥].
فأجاب عن اثنين من الأسئلة ولم يجب عن واحد، الأمر الذي جعل القرشيين وغيرهم يوقنون بصدق دعوى الرسول - ﷺ - بأنه مرسل وأنه صادق أمين كما عهدوه. وهكذا كان القرآن الكريم يجيب عن كل سؤال يوجه إلى الرسول - ﷺ - سواء كان هذا السؤال من المؤمنين أو الكافرين، أو كان لغرض التثبت والتأكد أو للاسترشاد والمعرفة(٢).

(١) تفسير البغوي بهامش الخازن (٤/١٨١).
(٢) انظر: الأسلوب الإعلامي في القرآن الكريم، ص١٨.


الصفحة التالية
Icon