خرج رسول الله - ﷺ - مع بعض أصحابه وكانوا نحوا من ألف وخمسمائة من المدينة قاصدين بيت الله الحرام للزيارة، وكان هذا بعد غزوة الأحزاب بعام «فلما اقتربوا من مكة وجدوا قريشا تستعد لقتالهم، فبعث إليهم الرسول - ﷺ - عثمان بن عفان يقترح عليهم عقد صلح بين الفريقين وسرت شائعة بأن عثمان قد قتل»(١).
فلجأ الرسول - ﷺ - إلى أسلوب إعلامي يشعر القرشيين بقوة المسلمين وأنهم على استعداد لقتالهم والانتصار عليهم فجمع أصحابه ودعاهم إلى المبايعة «فبايعوه تحت شجرة على قتال المشركين وأن لا يفروا حتى يموتوا» فلما علمت قريش بهذه البيعة وأن المسلمين عازمون على الدخول في الحرب معهم دخل الرعب في قلوبهم، واضطروا في الدخول في المفاوضات السلمية التي كانت الهدف الأساسي للرسول - ﷺ - من استخدام هذا الأسلوب. وكانت قريش ترفض هذه المفاوضات فعقد معهم «هدنة الحديبية» التي اعتبرها الله -تعالى- فتحا للمؤمنين وامتن بها على رسوله - ﷺ - بقوله: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾ [الفتح: ١].
٤- البعثات النبوية:
قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: ١].
في هذه الآية الغاية التي من أجلها أنزل القرآن على الرسول - ﷺ -، وهي إنذار العالمين وتخويفهم من بأس الله ونقمته، وبيان رضا الله من سخطه، وفي هذا دلالة واضحة على أن هذه الرسالة عالمية «وغايتها نقل هذه البشرية كلها من عهد إلى عهد، ومن نهج إلى نهج عن طريق هذا الفرقان الذي نزله الله على عبده ليكون للعالمين نذيرا»(٢).
وإذا كانت هذه الدعوة عالمية فلابد أن يكون إعلامها كذلك، فالرسول - ﷺ - والمسلمون مكلفون بتبليغ هذه الرسالة إلى جميع الناس بشتى الأساليب الإعلامية.
(٢) في ظلال القرآن (٥/٢٥٤٨).