قال الواقدي - رحمه الله -: (ونام رسول الله - ﷺ - حتى أدلج، فلما كان من السحر قال: «أين الأدلاء؟» ) (١) ثم إنه - ﷺ - اختار الطريق المناسب الذي يسلكه حتى يصل إلى أرض المعركة، وذكر صفة ينبغي أن تتوافر في هذا الطريق وهو السرية، حتى لا يرى الأعداء جيش المسلمين، فقال - ﷺ - لأصحابه: «من رجل يخرج بنا على القوم من طريق لا يمر بنا عليهم؟» فأبدى أبو خيثمة - رضي الله عنه - استعداده قائلا: أنا يا رسول الله ونفذ به بين بساتين بني الحارثة(٢). ولاشك في أن مروره - ﷺ - بين الأشجار والبساتين يدلنا على حرصه - ﷺ - على الأخذ بالاحتياطات الأمنية المناسبة في أثناء السير، لأن الطرق العامة تكشف للأعداء عن مقدار قوات المسلمين وهذا أمر محذور.
فالرسول - ﷺ - يعلم الأمة الأخذ بالسرية من حيث المكان، ومن حيث الزمان، لئلا يتمكن الأعداء من معرفة قواتهم فيضعوا الخطط المناسبة لمجابهتها، وبذلك يذهب تنظيم القادة وإعدادهم مهب الرياح(٣).
وفي غزوة الخندق يظهر دور جهاز أمن الدولة الإسلامية بارزًا، فقد كان يتابع أخبار الأحزاب ويرصد تحركاتهم ويزود القيادة بجميع المعلومات، فقام فرع مكة الأمني بإرسال معلومات دقيقة ساعدت القيادة في رسم الخطط قبل وصول الأعداء للمدينة،

(١) المصدر نفسه (١/٢٠٦، ٢٠٨).
(٢) انظر: ابن هشام (٣/٦٥).
(٣) انظر: القيادة العسكرية في عهد الرسول - ﷺ -، ص٤٦٨.


الصفحة التالية
Icon