٣- أنه نجح في إقناع كل الأطراف بأن يكتم كل طرف ما قاله له، وفي استمرار هذا الكتمان نجاح في مهمته، فلو انكشف أمره لدى أي طرف من الأطراف لفشلت مهمته، وقد حققت مساعي نعيم في تخذيل بني قريظة أمرين مهمين لجيش النبي - ﷺ - وهما:
١- أن المسلمين بعد انسحاب بني قريظة من التحالف مع الأحزاب أصبحوا في أمان لأن هؤلاء اليهود كانوا يسكنون المدينة فلو بقوا في هذا التحالف لما أمن المسلمون من توجيه طعنة لهم من الخلف لأنهم مشغولون بمواجهة خصمهم من الأمام.
٢- أن المسلمين اطمأنوا إلى أن بني قريظة سيتسمرون في إمدادهم بالمؤن التي يتطلبها الموقف، وذلك لشدة حاجتهم إليها، وانشغالهم عن توفيرها بمواجهة الأعداء(١).
وكلف - ﷺ - الزبير بتتبع أحوال بني قريظة وجمع المعلومات عن نواياهم، ومدى التزامهم بالعهد، ورصد تحركهم المريب(٢). ومع أخذه - ﷺ - بكل الأسباب إلا أنه - ﷺ - كان كثير التضرع والدعاء والاستعانة بالله وخصوصا في مغازيه وعندما اشتد الكرب على المسلمين أكثر مما سبق حتى بلغت القلوب الحناجر وزلزلوا زلزالا شديدا وجاء المسلمون إلى النبي - ﷺ - وقالوا: يا رسول الله هل من شيء نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال: نعم: «اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا»(٣).
ودعا - ﷺ -: «اللهم منزل الكتاب سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اهزمهم وزلزلهم»(٤).
وقال - ﷺ -: «لا إله إلا الله وحده، أعز جنده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده فلا شيء بعده»(٥).

(١) انظر: القيادة العسكرية في عهد الرسول ص (٤٧٧)
(٢) انظر: الاستخبارات العسكرية في الإسلام، ص١١٩.
(٣) رواه أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري عن أبيه (٨/١٨).
(٤) البخاري، كتاب المغازي، باب: غزوة الخندق، (٥/٥٩) رقم ٤١١٥.
(٥) البخاري، كتاب المغازي، باب: غزوة الخندق، (٥/٥٩) رقم ٤١١٥.


الصفحة التالية
Icon