عندما أكمل النبي - ﷺ - استعداده للسير إلى فتح مكة، كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى مكة يخبرهم فيه نبأ تحرك النبي - ﷺ - إليهم، ولكن الله سبحانه وتعالى أطلع نبيه - ﷺ - عن طريق الوحي على هذه الرسالة، فقضى - ﷺ - على هذه المحاولة وهي في مهدها، فأرسل النبي - ﷺ - عليا والمقداد فأمسكا بالمرأة في روضة خاخ على بعد اثني عشر ميلا من المدينة، وهدداها أن يفتشاها إن لم تخرج الكتاب فسلمته لهما، ثم استدعى حاطب - رضي الله عنه - للتحقيق فقال: (يا رسول الله، لا تعجل عليَّ، إني كنت امرأ ملصقا من قريش - يقول: كنت حليفا - ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله - ﷺ -: (أما إنه قد صدقكم) فقال عمر - رضي الله عنه -: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال: «إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم(١). فأنزل الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِن كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [الممتحنة: ١].