ثالثًا: التعليم، تعليم الناس العلم النافع، أي القرآن والحكمة، وذلك في قوله سبحانه من هذه الآية: ﴿وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ فهو واجب النبي - ﷺ -، وواجب الدعاة إلى الله إلى يوم الدين و﴿الْكِتَابَ﴾ هو القرآن الكريم، وهو هدى للناس كل الناس، فما من خير للبشرية في دينها ودنياها إلا نوه عنه القرآن الكريم، وما من شيء من هذا وذاك إلا اشتمل عليه القرآن الكريم: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٢٨]، ﴿وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [يوسف: ١١١] و ﴿تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: ٨٩].
إن تعليم الناس كتاب الله وسنة رسوله - ﷺ - ينقلهم من ظلام الجهل إلى نور العلم، ومن ضلال الباطل إلى هداية الحق، وهذا يظهر في قوله تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ أي يبصركم بحاضركم، ويرسم لكم أسلم طريق لمستقبلكم.
إن هذه الواجبات المنوطة بالدعاة تحتاج إلى تميز إيماني وتفوق روحاني، ورصيد علمي وزاد ثقافي ورجاحة عقل وقوة حجة، ورحابة صدر وسماحة نفس حتى يستطيع الدعاة تحقيق واجباتهم المذكورة.
إن القرآن الكريم قد بيَّن واجبات الدعاة في آيات كثيرة، ومن الآيات الجامعة في هذا الباب قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا﴾ [الأحزاب: ٢٩].
إن التقصير في القيام بهذا الواجب، إثم ومعصية، ولقد بيَّن المولى عز وجل ذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩].
والمعنى أن من عرف الحق، فقد وجب عليه أن يبينه للناس، ومن لم يفعل فقد أثم.


الصفحة التالية
Icon