كما نعى الله ذلك الكتمان على أهل الكتاب في قوله تعالى:﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ [آل عمران: ١٨٧].
وإذا كانت آيات القرآن الكريم قد أوجبت على الدعاة، وأهل العلم، أن يبلغوا الناس بهذا العلم، فإن السنة المطهرة شارحة القرآن قد فاضت بالأحاديث في هذا المجال.
روى الإمام البخاري بسنده، عن ابن عباس رضي الله عنهما، باب تحريض النبي - ﷺ - وفد عبد القيس(١) على أن يحفظوا الإيمان والعلم، ويخبروا من وراءهم، قال مالك بن الحويرث(٢)، وهو من بني عبد قيس: قال لنا النبي - ﷺ -: «ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم». وعن ابن عباس قال: قال النبي - ﷺ -، لما قدم إليه وفد عبد القيس: «مَنْ الوفد - أو من القوم؟ قالوا: ربيعة، فقال: «مرحبا بالقوم - أو الوفد - غير خزايا ولا ندامى»، قالوا: إنا نأتيك من شقة بعيدة، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، ولا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر حرام، فمرنا بأمر نخبر به من وراءنا، ندخل به الجنة، فأمرهم بأربعة ونهاهم عن أربعة: أمرهم بالإيمان بالله عز وجل وحده قال: «هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وتعطوا الخمس من المغنم».
(٢) هو مالك بن الحويرث، أبو سليمان الليثي، صحابي نزل البصرة، مات سنة أربع وسبعين، انظر: تقريب التهذيب، ص(٥١٦).