إن في أعدائنا كفاية لاستنفاد جهودنا في حربهم، ومواجهتهم، فكيف نغفل عن هذا ونوجه سهامنا لبعضنا؟ (١).
إن نجاح الدعاة في تنظيم جهودهم ووضعها وفق خطة شاملة وتوحيد قيادتهم يعين العاملين في مجال الدعوة على تحقيق أهدافهم، ويستطيعون أن يبذلوا طاقاتهم في البناء وانتقاء العناصر الجيدة التي تعتز وتنتمي إلى الإسلام وتثبت على هذا الاعتزاز وتتجرد ممن سواه، وتورثه إلى غيرها من الناس، وممن يظهر حماسهم والتزامهم الحاسم بكل ما هو إسلامي. ويستطيع الدعاة أن يفرزوا قاعدة قوية بين الناس تؤمن بالعمل الجماعي للإسلام وتراه فرضا عليها، وعلى كل المسلمين القادرين على العمل، وتكون تلك القاعدة طليعة لقاعدة أوسع من العاملين للإسلام، في عمل جماعي تشرف عليه لجان مشكلة على جميع مستوياته الفكرية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، والتربوية، والحركية والدعوية وفق خطط مجهزة، وتنظيم محكم، وإدارة واعية وتربية عميقة، يشرف عليها علماء ربانيون وفقهاء عاملون مستوعبون للحياة الإنسانية وقضاياها ومشكلاتها.
وسائل الدعاة في هذه المرحلة:
لقد انتشر في هذا العصر العلم وكثرت فيه وسائل الإعلام والتربية وازدهرت فيه الخطابة والكتابة وعمت الجامعات في كل مكان، وكذلك المدارس في المدن والقرى والجبال والسهول والأرياف، وتدفقت السيول من المطبوعات والمنشورات من المطابع ودور النشر، ونبغ فيها علماء باحثون، ووعاظ مرشدون، فلهذا يجب على الدعاة أن يتبعوا كل أسلوب يوصلهم إلى قلوب الناس، ويحقق الهدف المطلوب من نشر الدعوة، وعليهم أن يعتمدوا الأساليب الحديثة التي استغلها أعداء الإسلام في بث عقائدهم، ونشر أفكارهم وعلمهم، وعليهم أن يطوروا هذه الأساليب حتى لا تتعارض مع دعوتهم ولا تصدم بقواعد الدين(٢).

(١) انظر مقومات الداعية الناجح، ص١٤٧.
(٢) انظر: أسس الدعوة، محمد سيد الوكيل، ص٢١.


الصفحة التالية
Icon