وقد حدد القرآن الكريم الأساليب العامة للدعوة الإسلامية في آيات كريمة، منها قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥].
ولنستشعر إعجاز القرآن في قوله: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ ونشعر بمدى أبعاد الإطلاق الذي جاء في هذه الآية، وأبعاد التقييد الذي جاء فيها فأطلق وقال: ﴿إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ ما حدد وما عين شيئا معينا خاصا، فيدخل في ذلك الحث على الصلاة ودعوة الناس إلى مكارم الأخلاق والفضيلة وإلى تطبيق شرع الله على أنفسهم وأهليهم، ﴿سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ يحوي كل شيء ويمتد على اتساع جميع الآفاق، وهو لا يختص بالخطابة ولا يختص بالكتابة ولا يختص بالوعظ والنصيحة إنما قال ﴿ادْعُ﴾ والدعوة عامة شاملة هذه المعاني كلها، وهذه الأساليب كلها (١).
ويقول سيد قطب رحمه الله تعالى: (إن الدعوة دعوة إلى سبيل، لا لشخص الداعية ولا لقومه، والدعوة بالحكمة والنظر في أحوال المخاطبين وظروفهم والقدر الذي يبينه لهم في كل مرة حتى لا يثقل عليهم ولا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها، والطريقة التي يخاطبهم بها والتنويع في هذه الطريقة حسب مقتضياتها، فلا تستبد به الحماسة والاندفاع والغيرة فيتجاوز الحكمة في هذا كله وفي سواه) (٢).
ويقول أيضا: (بالموعظة الحسنة التي تدخل إلى القلوب برفق، وتتعمق المشاعر بلطف، لا بالزجر والتأنيب في غير موجب، ولا بفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو عن حسن نية، فإن الرفق في الموعظة كثيرا ما يهدي القلوب الشاردة، ويؤلف القلوب النافرة، ويأتي بخير من الزجر والتأنيب والتوبيخ) (٣).
(٢) في ظلال القرآن (٤/٢١٩٨).
(٣) في ظلال القرآن (٤/٢١٩٨).