والعلم بلا عمل حجة على صاحبه يوم القيامة، ولهذا حذر الله المؤمنين أن يقولوا ما لا يفعلون، فقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢، ٣].
قال الشاعر:

يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويقتدى بالعلم منك وينفع التعليم
تصف الدواء لذي السقام من الضنا كيما يصح به وأنت سقيم
أراك تلقح بالرشاد عقولنا نصحا وأنت من الرشاد عديم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم(١)
عدة الدعاة القائمين على هذه المرحلة:
أولاً: التميز الإيماني والتفوق الروحي:
إن التميز في مجال الإيمان عقيدة صحيحة، ومعرفة جازمة، وتأثيرًا قويًا يعد - بلا نزاع - أهم المقومات وأولى الأولويات بالنسبة للداعية، لكي يكون الداعية عظيم الإيمان بالله، شديد الخوف منه، صادق التوكل عليه، دائم المراقبة له، كثير الإنابة إليه، لسانه رطب بذكر الله، وعقله مفكر في ملكوت الله، وقلبه مستحضر للقاء الله، مجتهد في الطاعات، مسابق إلى الخيرات، صوام بالنهار قوام بالليل، مع تحري الإخلاص التام، وحسن الظن بالله، وهذا هو عنوان الفلاح وسمت الصلاح، ومفتاح النجاح إذ هو تحقيق لمعنى العبودية الخالصة لله وهي التي تجلب التوفيق من الله، فإذا بالداعية مسدد، إن عمل أجاد، وإن حكم أصاب، وإن تكلم أفاد(٢).
(١) انظر: الحكمة في الدعوة إلى الله، ص٩٧.
(٢) انظر: مقومات الداعية الناجح، ص٣٤.


الصفحة التالية
Icon