الإيمان بالمتعلمين، وأمر بالرجوع إليهم في النوازل ومسألتهم عن الحوادث، فقال عز وجل: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣] وقال تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ [النساء: ٨٣].
وإذا سلك الداعية طريق العلم حظى بالخيرية الربانية الثابتة في حديث رسول
الله - ﷺ -: «من سلك طريقًا يلتمس به علما سهل الله به طريقًا من طرق الجنة» (١).
وإذا نال الداعية حظا وافيا من العلم واندرج في سلك طلبة العلم فإنه يكون في مجتمعه نبراسا يهتدى به، كما قال ابن القيم عن الفقهاء: «إنهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي في الظلماء، حاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء»(٢). وعندما يتحرك الداعية ناشرا علمه ساعيا بين الناس بالإصلاح، ناعيًا عليهم الغفلة والفساد فإنه يحظى بشرف الوصف الذي ذكره الإمام أحمد حين قال: «الحمد لله الذي جعل في كل فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح الناس عليهم»(٣). وأهل العلم والبصيرة من الدعاة شهد التاريخ أنهم «هم من اهتدى بهم الحائر، وسار بهم الواقف، وأقبل بهم المعرض، وكمل بهم الناقص، ورجع بهم الناكص، وتقوى
بهم الضعيف»
(٤).

(١) أبو داود، كتاب العلم، باب الحث على العلم (٤/٥٧) رقم ٣٦٤١.
(٢) أعلام الموقعين (١/٩).
(٣) انظر: أصول الدعوة، ص٣٢٨.
(٤) مقومات الدعوة والداعية، ص٥١، ٥٢.


الصفحة التالية
Icon