عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا أتى النبي - ﷺ - فقال مستنكرًا ومسترشدًا: يا رسول الله ولد لي غلام أسود‍! فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم! قال ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ (١) قال: نعم، قال: فأنى ذلك؟ قال: لعله نزعه عرق، قال: فلعل ابنك نزعه عرق(٢).
فهذا الرجل جاء سائلاً مستفتيًا عما وقع له من الريبة، فلما ضرب له المثل أذعن، وقال ابن العربي: «فيه دليل على صحة القياس والاعتبار بالنظر»(٣).
جـ- أسلوب الإمرار والإبطال:
وهو أسلوب قوي في إفحام المعاندين أصحاب الغرور والصلف بإمرار أقوالهم وعدم الاعتراض على بعض حججهم الباطلة منعا للجدل والنزاع خلوصا إلى حجة قاطعة تدمغهم وتبطل بها حجتهم تلك فتبطل الأولى بالتبع.
ومن الأمثلة القرآنية:
قال تعالى في قصة إبراهيم مع النمرود: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ
يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ﴾
[البقرة: ٢٥٨].

(١) أورق: أي أسمر (النهاية في غريب الحديث) (٥/١٧٥).
(٢) البخاري، كتاب الطلاق، باب: إذا عرَّض بنفي الولد، الفتح (٩/٤٤٢).
(٣) فتح الباري (٩/٤٤٤).


الصفحة التالية
Icon