إن التدرج سنة ربانية من سنن الله تعالى في خلقه وكونه، وهو من السنن الهامة التي يجب على الأمة أفرادا وجماعات أن تراعيها وهي تعمل للتمكين.
ومراعاة سنة التدرج في العمل للتمكين يعني أن تتدرج الأمة في عملها للتمكين من السهل إلى الصعب، ومن الصعب إلى الأصعب، ومن الهدف القريب إلى الهدف البعيد، ومن الخطة الجزئية إلى الخطة الكلية(١)... وهكذا.
فلقد بدأت الدعوة الإسلامية في زمن النبي - ﷺ - متدرجة تسير بالناس سيرا دقيقا، حيث بدأت بمرحلة الاصطفاء والتأسيس ثم مرحلة المواجهة والمقارنة ثم مرحلة النصر والتمكين، وما كان يمكن أن تبدأ هذه جميعها في وقت واحد وإلا كانت المشقة والعجز، وما كان يمكن كذلك أن يقدم واحد منها على الأخرى، وإلا كان الخلل والإرباك(٢).
واعتبار هذه السنة في غاية الأهمية «ذلك أن بعض العاملين في حقل الدعوة الإسلامية يحسبون أن التمكين يمكن أن يتحقق بين عشية وضحاها، ويريدون أن يغيروا الواقع الذي تحياه الأمة الإسلامية في طرفة عين، دون نظر في العواقب، ودون
فهم للظروف والملابسات المحيطة بهذا الواقع، ودون إعداد جيد للمقدمات، أو
للأساليب والوسائل»
(٣).
وقد وجه الله تعالى أنظارنا إلى هذه السنة في أكثر من موقع، فالله تعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام، يعلمها سبحانه ويعلم مقدارها، وكان - جل شأنه - قادرا على خلقها في أقل من لمح البصر.
وكذلك بالنسبة لأطوار خلق الإنسان والحيوان والنبات كلها تندرج في مراحل حتى تبلغ نماءها وكمالها ونضجها وفق سنة الله تعالى الحكيمة.

(١) انظر: التمكين للأمة الإسلامية في ضوء القرآن الكريم، ص٢٢٦.
(٢) منهج أهل السنة والجماعة في قضية التغيير، ص٦٨، ٦٩ بتصرف.
(٣) آفات على الطريق – السيد محمد نوح (١/٢٧).


الصفحة التالية
Icon