وهذا هو المنهج الرباني للعقل لكي لا يضل في التيه، الذي ضل فيه كثير من الفلاسفة الذين قدسوا العقل وأعطوه أكثر مما يستحق.
وأما الآثار العملية من هذا التوجيه الرباني في العقل فتتمثل في أمور من أهمها:
١- تنقية العقل من الوهم والخرافة، والدجل والمسلمات المبنية على الظنون والأوهام وتربيته على التريث والتثبت، حتى لا يتسرع فيظلم ويندم وحينئذ لا
ينفع الندم.
٢- تعويد العقل على إدراك حقيقة هذا الكون الذي يعيش فيه وإلزامه بأن يتعرف على الحق عن قرب ويقين.
٣- إقدار العقل على التأمل والنظر في حكمة الله سبحانه وتعالى، فيما شرعه للناس من منهج ونظام، يحقق لهم سعادة الدارين، وتمكين العقل من التأمل في تاريخ البشرية، وهذا التاريخ هو أكبر كتاب وأوسعه أبوابًا وفصولا ليخرج بفائدة جليلة يستطيع أن يقارن بدقة وحسم بين الكفر والإيمان، وأعمال المؤمنين وضلال الكافرين.
رابعًا: تربية الجسم:
إن الله تعالى أخبرنا أنه خلق آدم عليه السلام من سلالة من طين، ثم سواه ونفخ فيه من روحه، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، قال تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ - ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ - ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ﴾ [السجدة: ٧- ٩].
وهذه الآيات إشارة إلى أن الإنسان يتكون من طاقات ثلاث منحها الله للإنسان: طاقة العقل، وطاقة الروح، وطاقة الجسم، ثم استخلفه الله في الأرض، وطلب منه أن يعمرها، قال سبحانه: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: ٦١].


الصفحة التالية
Icon