وقد بينت منهج الإسلام في تربية الروح والعقل، ولابد من بيان منهج القرآن الكريم في تربية الجسم البشري، بحيث يؤدي وظيفته دون إسراف أو تقتير، ودون محاباة لطاقة من طاقاته، على حساب طاقة أخرى، ولذلك أرشد القرآن إلى ما أحله الله من الطيبات، واجتناب ما حرم الله من الخبائث، وأنكر على أولئك الذين يحرمون أبدانهم من تلبية حاجاتها على الوجه المشروع، فقد قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [الأعراف: ٣٢].
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ - وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾
[المائدة: ٨٧، ٨٨].
ولا شك أن تحقيق هذه الحاجات، يمكن الإنسان من أداء وظائفه، التي وظفه الله لها في الأرض من عبادة الله واستخلاف في الأرض، وإعمارها، وتعارف وتعاون وتناصر وتمكن وأمر بمعروف ونهي عن المنكر وجهاد في سبيل الله، وبغير تحقيقها لا يكون شيء من ذلك(١).
ولذلك ضبطت الشريعة - على نحو دقيق - حاجات الجسم البشري على النحو التالي:
١- ضبط حاجته إلى الطعام والشراب بقول الله تعالى: ﴿وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا﴾
[الأعراف: ٣١].
٢- وضبط حاجته إلى الملبس والمأوى، بأن أوجب من اللباس ما يستره العورة، ويحفظ الجسم، من عاديات الحر والبرد، وأوجب ما يكون زينة عند الذهاب إلى المسجد قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: ٣١]
٣- وضبط الحاجة إلى المأوى بقوله تعالى:﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ [النحل: ٨].
٤- وضبط حاجته إلى الزواج والأسرة، بإباحة النكاح، بل إيجابه في بعض