فيعمل على أن يضع الإحسان في مكان الإساءة، واللين في موضع المؤاخذة، والصبر على الأذى، فيقابل الأذى بالصبر الجميل، ويقابل الحمق بالرفق والحلم، ويقابل العجلة والطيش بالأناة والتثبت، وبذلك يملك قلوب إخوانه والمدعوين إلى الإسلام عموما.
وبمثل هذه المعاملة الحسنة جمع النبي - ﷺ - قلوب أصحابه حوله فتفانوا في محبته والدفاع عنه، وعن دعوته بمؤازرته ومناصرته، وقد مدح الله رسوله - ﷺ - وأمره بالعفو والصفح والاستغفار لمن تبعه من المؤمنين ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: ١٥٩].
﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنَفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتِّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨].
٣- عدم مواجهة أحد بعينه عندما يريد أن يؤدبه أو يزجره مادام يجد في الموعظة العامة كفاية:
وهذا من السياسة البالغة في منتهى الحكمة، ولهذا كان النبي - ﷺ - يسلك هذا الأسلوب الحكيم، فعندما فقد - ﷺ - ناسا في بعض الصلوات، فقال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا يؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها فأحرق عليهم بيوتهم»(١).
وقال - ﷺ -: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة» فاشتد قوله في ذلك حتى قال: «لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم»(٢).

(١) البخاري، كتاب الأذان، باب: وجوب صلاة الجماعة (١/١٧٩) رقم ٦٤٤.
(٢) البخاري، كتاب الأذان، باب: رفع البصر في الصلاة (١/٢٠٥) رقم ٧٥٠.


الصفحة التالية
Icon