وقال - ﷺ -: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»(١).
ولما بلغه أن قوما اشترطوا الولاء بعد بيع الأمة فخطب الناس فقال: «ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة مرة، شرط الله أحق وأوثق» (٢).
وهذا إرشاد نبوي حكيم في عدم مواجهة الناس بالعتاب سترًا عليهم ورفقًا بهم، وتلطفًا، ويستطيع أن يخاطب الناس عن طريق مخاطبة الجمهور إذا كان المدعو المقصود بينهم ومن جملتهم وهذا من أحكم الأساليب.
٤- إعطاء الوسائل صورة ما تصل إليه:
كقوله - ﷺ -: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله»(٣).
فقد صور - ﷺ - الدلالة على فعل الخير في صورة الفعل نفسه، وكقوله - ﷺ -: «من جهز غازيا فقد غزا» (٤).
وقال - ﷺ -: «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟، قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه»(٥).
وهذا أصل في سد الذرائع، ويؤخذ منه أن من آل فعله إلى محرم يحرم عليه ذلك الفعل وإن لم يقصد إلى ما يحرم(٦)، كما قال تعالى: ﴿وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٨].
فقد أعطى النبي - ﷺ - من يسب أبا الغير وأمه صورة من يسب والديه، لأنه تسبب في سبهما.
٥- أن تكون له مقدرة على ضرب الأمثال:

(١) مسلم، كتاب الفضائل، باب: علمه - ﷺ - وشدة خشيته (٤/١٨٢٩).
(٢) مسلم، كتاب العتق، باب: إنما الولاء لمن أعتق (٢/١١٤٢).
(٣) مسلم، كتاب الإمارة، باب: فضل إعانة الغازي في سبيل الله (٣/١٥٠٦).
(٤) المصدر السابق نفسه (٣/١٥٠٧).
(٥) البخاري، كتاب الأدب، باب: لا يسب الرجل والديه (٧/٩٢) رقم ٥٩٧٣.
(٦) انظر: الحكمة في الدعوة إلى الله، ص١١١.


الصفحة التالية
Icon