١- ربانية وإخلاص: يعيش جيل التمكين الرباني في الدنيا بقلوب أهل الآخرة، ويعيشون فوق الأرض وقلوبهم تهفو إلى رضا المولى عز وجل ودخول جناته، ورفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وأبرز ما يميزهم عن غيرهم أنهم مخلصون لله رب العالمين، فإذا جاءتهم الدنيا جعلوها في أيديهم ولم يدخلوها في قلوبهم، لا يعبدون الأشخاص، ولا الأهواء، ولا الطاغوت أيا كان فقد تبين لهم الرشد من الغي، فكفروا بالطاغوت وآمنوا بالله وحده فاستمسكوا بالعروة الوثقى لا انفصام لها.
٢- الشعور بمعية الله عز وجل: وهذا الشعور يدفع العبد المؤمن إلى الصدع بالحق ويطلق صاحبه الجبن والخوف والهلع، ويحدث في النفس انقلابا نفسيا في حياة الداعية، ولنتذكر حين قال أصحاب موسى: إنا لمدركون قال موسى - عليه السلام -: ﴿كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦٢].
٣- غرباء في هذه الدنيا: إن هذا الصنف هو الذي أشار إليه رسول الله - ﷺ - حين قال: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس» (١).
والمسلم إذا شرح الله صدره للإسلام وملأ قلبه بالإيمان يستسهل كل صعب ويستعذب كل كدر، إن هذا الغريب يرسل للناس من الأشعة الهادية ما ينير لهم الطريق، فهي ليست غربة عزلة وفرار، ولكنها غربة رفعة وسمو وحرص على إيصال دعوته للجميع، فهو لا يعيش في برج عاج بعيدًا عن الناس، بل يتفاعل معهم ويحمل همومهم ويعاونهم في حل مشاكلهم، فالناس جزء منه وهو جزء منهم فلا يتصور أن يتعالى عليهم.
٤- طلاب آخرة: لعلمهم بأن متاع الدنيا قليل وبأنه ينتهي ويزول ﴿وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ [النساء: ٧٧] ولذلك تنشئ سعة في نفوسهم، ورقة في مشاعرهم، وتحررا من المادة وظلامها.

(١) مسلم، كتاب الإيمان، باب: بيان أن الإسلام بدأ غريبًا (١/١٣٠) رقم ١٤٥.


الصفحة التالية
Icon