٥- أوابون توابون: يجب أن يتربى المسلمون على الحذر من معصية الله أكثر مما نحذر من أعداء الله، ويجب أن نخاف المعاصي، والمسالك التي تقرب منها سدا للذريعة وبعدا عن الفتنة واتقاء للشبهة، ونستغفر الله ونذكره كثيرا إذا وقعنا في معصية، فهذه ميزة الصالحين ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ١٣٥].
ورحم الله عمر الفاروق - رضي الله عنه - عندما وصى سعد بن أبي وقاص وهو في مسيره إلى حرب الفرس، فقال: «... أما بعد، فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو وأقوى المكيدة(١) في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم، وعدتنا ليست كعدتهم، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا، فاعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إن عدونا شر منا ولن يسلط علينا وإن أسأنا، فرب قوم سلط عليم شر منهم، كما سلط على بني إسرائيل - لما عملوا بالمعاصي - كفار المجوس ﴿فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً﴾ [الإسراء: ٥]. وسلوا الله العون على أنفسكم، كما تسألونه النصر على عدوكم...» (٢).
وهذه مفاهيم إيمانية يجب أن تعيشها الأمة:
١- اليقين والثقة بمنهج الله وهو الحق وما عداه باطل.

(١) المكيدة: الخديعة.
(٢) إتمام الوفاء للخضري، ص٧٢.


الصفحة التالية
Icon