- الحاكم الذي يحرض الرعية على مراقبته والنصح له، فيقول كما قال الصديق - رضي الله عنه -: «إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني»(١).
- والعالم الرباني الذي لا تفتقده مسيرة الجهاد فيعطي العلم حقه، والجهاد حقه، ولكل حقه، ويكون إمام محراب وقائد حرب مثله كمثل عبد الله بن المبارك - رضي الله عنه - المجاهد الذي كتب إلى أخ له عابد اعتكف في الحرم وترك مسيرة الجهاد فقال له:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب(٢)
إن النبي - ﷺ - حرص كل الحرص في طور الدعوة السرية أن يربي أصحابه على صفات جيل التمكين، ونلاحظ من خلال دراستنا للسيرة أنه - ﷺ - قام بإعلان الدعوة على قريش والمشركين بعد الإعداد الجيد وبناء القاعدة الصلبة على أسس عقدية وخلقية وأمنية وتنظيمية، وحان موعد إعلان الدعوة بنزول قوله تعالى: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ...﴾ [الشعراء: ٢١٤] فخرج رسول الله - ﷺ - حتى صعد الصفا فهتف: يا صباحاه، فاجتمعت إليه قريش، فقال: «يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب، أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟» قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد»، فقال أبو لهب: تبا لك، أما جمعتنا إلا لهذا ثم قام(٣)، فنزلت هذه السورة ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد: ١].
(١) الطبري في تاريخه (٤/٣٠).
(٢) انظر: عبد الله بن المبارك الإمام القدوة لمحمد عثمان.
(٣) دراسة في السيرة، عماد الدين خليل، ص٦٦.


الصفحة التالية
Icon