٢- الاتجاه إلى إيذاء المسلمين؛ فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم، ولم يقدموا على هذه المحاولة إلا حينما أدركوا وقوف أبي طالب ومن معه من عشيرته إلى جوار النبي - ﷺ -.
وكان الهدف من هذه المحاولة هو الضغط على رسول الله - ﷺ - كي يتراجع ويكف عما يدعو إليه، ولكن المحاولة فشلت حينما أدركوا صلابة المؤمنين، وصلابة الرسول - ﷺ -.
٣- عرض المغريات والمساومات، لقد تركت قريش المساند لرسول الله - ﷺ - «أبا طالب» لأن المحاولات فشلت معه، ولأن عصبته واقفة إلى صفه، ومن ثم لابد من مواجهة صاحب الدعوة لصرفه عن دعوته، فعرض عليه المال والشرف والسيادة على مكة، وجعله ملكا على قريش، وكان المفاوض للرسول - ﷺ - والعارض عليه تلك العروض هو عتبة بن ربيعة(١) في بداية الأمر، ثم عرضت عليه من قبل مجموعة من أشراف قريش، وبالرغم من ذلك الإغراء الذي تضعف أمامه القلوب البشرية ومن أراد الدنيا وطمع في مغانمها إلا أن رسول الله - ﷺ - اتخذ موقفًا حاسمًا في وجه الباطل دون مراغمة أو مداهنة، أو الدخول في دهاء سياسي أو محاولة وجود رابطة استعطاف أو استلطاف مع زعماء قريش(٢)، لأن قضية العقيدة تقوم على الوضوح والصراحة والبيان بعيدًا عن المداهنة والتنازل، ولذلك كان رد رسول الله - ﷺ -: «ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً، وأنزل علي كتابًا، وأمرني أن أكون لكم بشيرًا ونذيرًا، فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم من الدنيا والآخرة، وإن تردوا عليّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم» (٣).
(٢) انظر: الوفود في العهد المكي، وأثره الإعلامي لعلي الأسطل، ص٣٧.
(٣) انظر: تاريخ صدر الإسلام، ص٣٨.