وأجمل ذلك في مكان آخر بقوله: «لقد قامت كل عقيدة بالصفوة المختارة لا بالزبد الذي يذهب جفاء ولا بالهشيم الذي تذروه الرياح»(١).
لابد من الاهتمام بتقوية الإيمان وتزكية الأخلاق الفاضلة وكثرة الطاعة لله ولرسوله - ﷺ -، والبعد عن المعصية، والتوعية الكاملة والفقه في الدين، ومعرفة مشكلات العصر وحلها، والتدريب العملي على البذل والإنفاق، وإيثار الدعوة الإسلامية بالنفس والنفيس، والإخلاص الكامل، والتجرد لله وحده، وهذا الإعداد مع صعوبته وطول مدته التي تحتاج إلى صبر وجلد خير من العجلة في جمع جماهير ذوي عواطف تبهج النفس وتنعشها، عواطف يظهر أصحابها الطاعة والحب والتفاني في سبيل العقيدة في وقت الرخاء، أما وقت الشدة فإنها كالزبد الذي يذهب جفاء والهشيم الذي تذروه الرياح(٢).
إن بناء القاعدة الصلبة على أسس من منهج أهل السنة والجماعة يدخل ضمن الطائفة المنصورة التي تتحرك بهذا الدين على جميع الثغرات.
ومن صفات الطائفة المنصورة من خلال الأحاديث الصحيحة يتضح الآتي:
أ- أنها على الحق:
فهي طائفة من هذه الأمة تشربت المنهج الرباني الذي هو (الحق) وما عداه الباطل، واستقرت على الالتزام به استقرار المتمكن الذي لا يتزحزح، وهي طائفة متخصصة بـ (خصائص الفرقة الناجية) أهل السنة والجماعة والتي تحرص أن تكون على ما كان عليه رسول الله - ﷺ - وأصحابه، فهي متحققة من العلم الصحيح المبني على الدليل الشرعي، ومن عمل القلب وعمل الجوارح المواطئ لهذا العلم.
وقد تعددت عبارات الأحاديث، وتنوعت في بيان أن هذه الطائفة تحمل الحق الذي جاء به محمد - ﷺ - وتلتزم به من غير تحريف ولا تبديل، فجاء الحديث بأنهم (على الحق).
وأنهم «على أمر الله» وأنهم «على هذا الأمر» وأنهم «على الدين».

(١) في ظلال القرآن (١/١٦١٨).
(٢) المصدر نفسه (١/١٦١٨).


الصفحة التالية
Icon