وهذه الألفاظ تجتمع في الدلالة على استقامتهم على الدين الصحيح الذي بعث به محمد - ﷺ -، وقد عبر - ﷺ - عن تمسك الطائفة المنصورة بالحق، والدين، والأمر بلفظ: «على» الدال على التمكن والاستقرار(١).
وللطائفة المنصورة من ملازمة الحق واتباعه ما ليس لسائر المسلمين، وهي إنما استحقت الذكر والنصر، لتمسكها بالحق الكامل حين أعرض عنه الأكثرون، ومن الجوانب البارزة في الحق الذي استمسكت به حتى صارت طائفة منصورة ما يلي:
١- الاستقامة في الاعتقاد وملازمة ما كان عليه النبي - ﷺ - وأصحابه ومجانبة البدع وأهلها، فهم أصحاب السنة الذين ليس لهم اسم يعرفون به وينتمون إليه إلا السنة، لا جهمية ولا معتزلة، ولا غير ذلك من الأسماء الدالة على البدع والأهواء»(٢).
٢- الاستقامة في الهدى والسلوك الظاهر على المنهج النبوي الموروث عن الصحابة رضي الله عنهم والسلامة من أسباب الفسق والريبة والشهوة المحرمة.
٣- الاستقامة على الجهاد بالنفس والمال، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الحجة على العاملين.
٤- الاستقامة في الحرص على توفير أسباب النصر المادية والمعنوية، واستجماع المقومات التي يستنزل المؤمنون بها نصر الله، ولاشك أنهم إنما ينتصرون لملازمتهم للجادة المستقيمة من جهة، ولبذلهم الجهد الواجب في تحصيل أسباب النصر من جهة ثانية.
وبذل الجهد في تحصيل تلك الأسباب هو -في الحقيقة - جزء من الاستقامة على الشريعة، إذ الشريعة تأمر بفعل الأسباب واتخاذ الوسائل المؤدية إلى النتائج، بإذن الله، فليس صحيحًا أن يقعد المسلم عن استخدام الوسائل المادية الممكنة، من الصناعة والسلاح والتخطيط، والإدارة وغيرها، متوهما أن النصر يجيء بدونها لأن تحقيق ذلك هو من مقتضيات الاستقامة على أمر الله.

(١) انظر: صفة الغرباء، سلمان العودة، ص١٦٦.
(٢) انظر: الاعتصام للشاطبي (١/٥٨)، والانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء، لابن عبد البر، ص٣٥.


الصفحة التالية
Icon