وهذا يعني استمرار الجهاد والمواجهة العسكرية مع أعداء الله يوم القيامة، لأن الطائفة القائمة به باقية إلى يوم القيامة(١).
والمقصود أن الجهاد لا ينقطع انقطاعا دائما مستمرا، بل لا يزال في الأمة طائفة منصورة تجاهد في سبيل الله أعداء الله، ولكن هذا لا يعارض ما وُجد ويوجد في بعض الأمكنة وبعض الأزمنة من ترك الجهاد، مما أخبر به النبي - ﷺ - وحذر منه، فوقع في الأمة كما أخبر، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت النبي - ﷺ - يقول: «إذا تبايعتم بالعينة(٢)، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذُلاًّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم»(٣).
فقد تترك عامة الأمة الجهاد في سبيل الله، وتخلد إلى الأرض، وتشتغل بالزرع أو غيره من شئون دنياها، وتلهو به عما أخرجت له من الجهاد وحرب أعداء الله بالسلاح، وعملها على إزالة العوائق والعقبات التي تحول دون الجهاد، فإنه إذا وجب عليها القتال والحرب لأعداء الدين، فقد وجب عليها الاستعداد لهذه الحرب بكل وسيلة ممكنة، ووجب عليها السعي لإزالة الموانع الحائلة دون قيامها بالواجب، ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وبجهود هذه الطائفة ترجع الأمة - عامة - إلى الجهاد، وتخوض الغمرات إلى أعدائها، حتى ينصرها الله، ويعيد لها عزتها ومجدها وكرامتها، إن الجهاد الذي بدأ في عهد الرسول - ﷺ - لا ينتهي حتى آخر الدهر، قبيل قيام الساعة، والطائفة التي أكرمها الله تعالى بحمل الراية جيلا بعد جيل، ورعيلا بعد رعيل، هي الطائفة المنصورة القائمة بأمر الله(٤).
د- أنها المجددة للأمة أمر دينها:

(١) انظر: صفة الغرباء، ص١٧٧.
(٢) العينة: هي أن يشتري من رجل سلعة بثمن معلوم مؤجل ثم يبيعها له بأقل من الثمن.
(٣) أبو داود، كتاب البيوع، باب: النهي عن العينة (٣/٧٤٠) رقم ٣٤٦٢.
(٤) انظر: صفة الغرباء، ص١٨١، ١٨٢.


الصفحة التالية
Icon