وقال سيد قطب - رحمه الله -: ولعله من الطريف أن نقف أمام حجة فرعون في قتل موسى: ﴿إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح، أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق الجميل، أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان الهادي؟ إنه منطق واحد يتكرر كلما التقى الحق والباطل والإيمان والكفر والصلاح والطغيان على توالي الزمان واختلاف المكان، والقصة قديمة مكررة تعرض بين
الحين والحين(١).
٥- كشف خطط الطغاة في جعل الناس شيعا وأحزابا:
ودعوة الناس للاجتماع على كتاب الله وسنة رسوله - ﷺ -، قال تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: ٤].
هذه أهم الأسس التي تقوم عليها عروض الطغاة في الأرض، وأي أساس منها فقد كان جديرا بتحطيم تلك العروش ولاسيما الأول منها والثاني(٢).
ولذلك يهتم الدعاة إلى الله في كل مراحل دعوتهم بتوجيه السهام إلى تلك الأسس وخصوصا في مرحلة المغالبة حيث تنشط كتائب المجاهدين بتوجيه الضربات المسددة إلى تلك الأسس الطاغوتية، وبعد تدميرها يصل الدعاة بإذن الله تعالى بدعوتهم إلى مرحلة التمكين.
(٢) انظر: الجهاد في سبيل الله، د. عبد الله أحمد القادري (٢/٢٣٥).