وقال الشيخ محمد الأمين (١) في تفسيره لهذه الآية، قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ [القصص: ٥]، هو الكلمة في قوله تعالى:﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الأعراف: ١٣٧]، ولم يبين هنا السبب الذي جعلهم به أئمة جمع إمام، أي قادة في الخير دعاة إليه على أظهر القولين، ولم يبين هنا أيضًا الشيء الذي جعلهم وارثيه، ولكنه بين جميع ذلك في غير هذا الموضع، فبين السبب الذي جعلهم به أئمة في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: ٢٤]، فالصبر واليقين، هما السبب في ذلك، وبين الشيء الذي جعلهم له وارثين: ﴿فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ - وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ - كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾[الشعراء: ٥٧- ٥٩](٢).
قال محمد الطاهر بن عاشور (٣) رحمه الله: (إن الله وصف فرعون وصفًا دلّ على شدة تمكين الإفساد من خلقه﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: ٤] فحصل تأكيد لمعنى تمكن الإفساد من فرعون، لأن فعله هذا اشتمل على مفاسد عظيمة:
المفسدة الأولى:

(١) هو الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطى اشتهر بعلم الأصول والتفسير، درس في جامعة المدينة والمسجد النبوي، توفى عام ١٣٩٣هـ. انظر: أضواء البيان (١/٣- ٩٩).
(٢) انظر: أضواء البيان (٦/٤٥١).
(٣) هو محمد الطاهر بن عاشور ولد بتونس ١٨٧٩هـ وكان من كبار علماء الزيتونة له مؤلفات كثيرة من أشهرها التحرير والتنوير في التفسير.


الصفحة التالية
Icon