إن كثيرًا من المفسرين ملأوا كتبهم بتيه الإسرائيليات والخرافات والأساطير، وتجاوزوا كثيرًا من الدروس والدلالات (١).
إن هذا العصر يتطلب من العلماء أن يبتعدوا عن الترف الفكري والعلمي، لأننا مطالبون بالإصلاح والدعوة والتغيير، كما أن علينا مسئوليات عظيمة لتغيير واقع الأمة من الحضيض التي فيه إلى قمة العزة والتمكين التي يريدها الله لها.
ثانيًا: أهم سنن حياة الأمم والشعوب التي يمكن استخلاصها في هذه القصة:
حاول الشيخ محمد رشيد (٢) رحمه الله أن يتأمل في هذه القصة ويستنبط منها أهم السنن الاجتماعية في حياة الأمم والمجتمعات والشعوب وذكر منها:
السُّنة الأولى: أن الأمم إذا اعتدى على استقلالها، وأوقع الأعداء بها فهضموا حقوقها، تتنبه مشاعرها لدفع الضيم، فتسعى للوحدة التي يمثلها الزعيم العادل، فتتوجه إلى طلبه، كما وقع من بنى إسرائيل، بعد تنكيل أهل فلسطين بهم.
السُّنة الثانية: أن شعور الأمة بوجوب حفظ حقوقها وصيانة استقلالها، يكون موجودًا عند خاصتها وأهل الفكر والرأي فيها، فالملأ من بنى إسرائيل، هم الذين طلبوا الملك.
السُّنة الثالثة: متى عظم الشعور بوجوب حفظ حقوق الأمة ومحاربة أعدائها عند خواص الأمة، فإنه لا يلبث أن يسرى إلى عامتها، حتى إذا خرجت من طور الفكر والشعور إلى طور العمل والظهور، انكشف عجز الأدعياء، ولم ينفع إلا صدق الصادقين.

(١) مع قصص السابقين في القرآن (١/٣٠٤، ٣٠٥).
(٢) هو محمد رشيد رضا القلموني البغدادي الأصل، الحسيني النسب، صاحب مجلة المنار، وداعية التجديد والإصلاح وله تفسير اسمه: تفسير القرآن الحكيم، ومشهور باسم تفسير المنار، وهو غير كامل انتهى مؤلفه إلى الآية (١٠١) من سورة يوسف توفى سنة ١٣٥٣هـ. انظر: الأعلام للزر كلى (٦/١٢٦) تفسير المنار (٧/٣٠٥، ٣٠٦).


الصفحة التالية
Icon